Haberler      English      العربية      Pусский      Kurdî      Türkçe
  Haberler.com - آخر الأخبار
البحث في الأخبار:
  منزل 26/04/2024 14:12 
News  > 

العراق.. عقبات في مواجهة دعوات نزع سلاح المجموعات الشيعية

19.06.2018 09:28

رائد الحامد / الأناضول



أثار الصعود غير المتوقع لتنظيم "داعش" بالعراق، صيف 2014، وسيطرته على مدن رئيسية في مثل الموصل وتكريت، وقبلهما الفلوجة وأجزاء واسعة من محافظات الأنبار وديالى والعاصمة، رأياً عاماً بعدم قدرة الأجهزة الأمنية "بمفردها" على مواجهة التهديد الوجودي للتنظيم بعد حالة الانهيار الكامل في صفوفها عقب أربعة أيام فقط من القتال أمام المئات من مسلحي التنظيم في محافظة نينوى.



وشكّل صعود تنظيم "داعش" تهديداً وجودياً للعاصمة العراقية والسلطة الشيعية في بغداد دعا المرجع الشيعي الأعلى علي السيستاني في 13 يونيو/حزيران 2014 لإعلان فتوى "الجهاد الكفائي" لجميع القادرين على حمل السلاح للالتحاق بالقوات الأمنية والدفاع عن العراق وحماية المراقد الشيعية.



ويُعد صعود قوة المجموعات الشيعية المسلحة مَعلماً من معالم واقع العراق بعد غزو عام 2003، والطفرة على كافة الصُعد بعد أحداث الموصل 2014؛ ومثّلت المجموعات التي تشكّل منها "الحشد الشعبي" قوة موازية ومكملة للقوات الأمنية في توفير الأمن والخدمات الأخرى مثل تأمين الزيارات في المواسم الدينية وقتال "داعش" الذي لعب "الحشد الشعبي" الدور الأهم فيها.



لكنّ هذا الصعود، من جانبٍ آخر، ساهم إلى حدٍّ بعيد في تقويض شرعية الدولة، التي بدت عاجزة عن اتخاذ أيّة إجراءاتٍ رادعةٍ حيال جملة من الانتهاكات التي تعرض لها العرب السُنّة، ووثقتها منظماتٍ دوليةٍ معتبرة.



مع إشارة تقارير إلى أنّ القوات الأمنية العراقية استعادت بعض "عافيتها" بعد انتكاستها عام 2014، إلاّ أنّها لا زالت دون مستوى الاعتماد الكلي عليها في حفظ الأمن والاستقرار ومواجهة ما تبقى من مجموعاتٍ مسلحة تنشطُ في محافظات صلاح الدين وكركوك ونينوى والأنبار.



لذلك تبقى الحاجة لفصائل "الحشد الشعبي" أساسيةً لدى الحكومة العراقية التي تُكرر باستمرار دعواتها لحصر السلاح ضمن مؤسساتها الرسمية، ما يضعها ضمن مقارباتٍ معقدةٍ تزدادُ تعقيداً مع واقع زيادة نشاطات التنظيم وتحذيرات مسؤولين رسميين محليين في محافظة نينوى تتخوف من سقوط مدن مثل الموصل بيد التنظيم مرة أخرى.



بعد إعلان الحكومة العراقية "النصر" على تنظيم "داعش" في 8 ديسمبر/كانون الثاني 2017، وإعلان التحالف الدولي للحرب على التنظيم انتهاء العمليات القتالية الرئيسية، يواجه عشرات الآلاف من مقاتلي "الحشد الشعبي" حالةً من عدم الوضوح فيما يتعلق بمستقبلهم.



فلم يتم التصول إلى "تفاهمات" بين الحكومة المركزية وقادة فصائلهم للبت في الوضع النهائي سواء بتسريحهم من الخدمة مقابل تعويضات معينة، أو إعادة إدماجهم في المؤسسات الأمنية أو الوزارات المدنية التي "قد" لا تجد حاجةً لهؤلاء المقاتلين الذين تنقص غالبيتهم الخبرة ويفتقرون إلى الكفاءة والشهادات العلمية مع واقعٍ آخر يشير إلى أنّ البلد في الأساس يعاني من ارتفاع نسبة البطالة وتعثر في النمو الاقتصادي.



تدعو المرجعية الدينية العليا إلى حصر السلاح بيد الدولة والخروج من حالة الفوضى المصاحبة لانتشار السلاح؛ وتقود مرجعية علي السيستاني عدداً من فصائل "الحشد الشعبي" مثل "كتائب علي الأكبر" و"فرقة العباس" القتالية و"وحدات حماية الأضرحة".



كما يدعو التيار الصدري، الذي يقود "سرايا السلام"، إلى نزع سلاح المجموعات المسلحة وحصر السلاح بيد الدولة.



وقد يكون مقتدى الصدر قائد سرايا السلام، إحدى فصائل الحشد الشعبي، من بين أكثر القيادات التي دعت في مناسباتٍ عدة لنزع أسلحة المجموعات المسلحة وتسليمها للدولة، لكنّ ذلك لم يحدث حتى اليوم.



ففي 11 ديسمبر/كانون الأول 2017، بعد أربعة أيام من إعلان "النصر" على تنظيم داعش، دعا الصدر لنزع سلاح أتباع تياره بعد منح مقاتليه وظائف في الدوائر المدنية، أو ضمهم للقوات المسلحة والقوات الأمنية، وتعويض ذوي القتلى الذين سقطوا في المعارك ضدّ التنظيم.



كما أعلنت فصائل أخرى، مثل "حركة النجباء"، التي تدين بالولاء الشرعي (البيعة) للمرشد الأعلى علي خامنئي وتضمّ أكثر من عشرة الآف مقاتل، استعدادها لتسليم الأسلحة الثقيلة فقط.



وتكررت دعوات رئيس الوزراء حيدر العبادي وإعلاناته البدء بعملية حصر السلاح بيد الدولة عدة مرات دون أيّ خطوات عملية؛ ففي 15 ديسمبر/كانون الأول 2017 أعلن العبادي بدء تطبيق "حصر السلاح بيد الدولة" بعد ساعاتٍ من تحذير السيستاني من "التراخي في مجال الأمن"، ودعوته إلى "عدم استغلال المتطوعين والمقاتلين في الحشد سياسياً وضمّهم إلى المؤسسة الأمنية والعسكرية في العراق، وحصر السلاح بيد الدولة".



ومع كلّ حادث تفجير لمخازن أسلحة داخل الأحياء السكنية تدعو قيادات المجموعات الشيعية المسلحة والمسؤولين الحكوميين إلى بدء حملات لنزع الأسلحة وتسليمها للدولة.



ففي يوم 6 يونيو/حزيران الجاري أدى انفجار وقع في مخزن للأسلحة والذخيرة بإحدى الحسينيات في مدينة الصدر إلى مقتل وإصابة ما لا يقل عن مائة شخص صدرت في أعقابه تصريحات لزعيم التيار الصدري، مقتدى الصدر، دعا فيها وزارة الداخلية للبدء بحملة نزع الأسلحة وحصرها بيد الدولة بعد عيد الفطر لإعلان مدينة الصدر مدينة "منزوعة السلاح ثم التعميم على باقي المناطق العراقية".



لكنّ الصدروضع شروطاً لتسليم سلاح "سرايا السلام"، التي يقودها، بأن تكون مبادرة ملزمة لجميع الأطراف المسلحة في العراق.



ولا يوجد هناك ما يؤكد على وجود مجموعات مسلحة تحتفظ بأسلحة وذخيرة بشكلٍ معلوم من أجهزة الدولة سوى المجموعات الشيعية المسلحة التي تقودها شخصياتٍ مشاركة في العملية السياسية، منهم أعضاء في البرلمان ووزراء ورجال دين؛ كما أنّ هناك عشرات القوى العشائرية المسلحة التي تتقاتل بين فترةٍ وأخرى، وهي عشائر شيعية في وسط وجنوب العراق تحتفظ بأسلحة متوسطة وثقيلة خارج سيطرة الدولة.



ويُعد العراق بيئة أمنية معقدة تتداخل فيه مصادر العنف من مختلف الجماعات المسلحة العرقية والطائفية والقبلية مع أعدادٍ كبيرةٍ من المسلحين غير المنتمين لتلك المجموعات.



لذلك، لا تقتصر الحاجة لسحب أو نزع أسلحة المجموعات المسلحة، إنّما تتعدى ذلك إلى أسلحة السكان المحليين كخطوةٍ أساسية نحو إصلاح القطاع الأمني الذي تمّ تأسيسه على المحاصصات الطائفية والعرقية والمناطقية للاتجاه نحو إعادة بناء الجيش الوطني وقوة الشرطة لتتولى هذه القوات بمفردها التعامل مع المجموعات المسلحة أيّاً كانت.



من المفيد للدولة العراقية سحب أسلحة المجموعات المسلحة دون استثناء، وهي مجموعات في غالبيتها تتبنى أجندات غير وطنية تغلِّبُ مصلحة الخارج على مصلحة العراق ما يهدد وحدة البلد وتماسك وقوة الدولة ومؤسساتها التي تآكلت بشكلٍ واضحٍ نتيجة غياب الاستقرار الأمني وهيمنة القوى المسلحة ونفوذها في القرار الأمني والعسكري، إلى جانب الهوية الطائفية لهذه القوى وعلاقاتها مع إيران بشكلٍ خاص.



امتلاك المجموعات الشيعية المسلحة المنضوية تحت هيئة الحشد الشعبي، أو خارجها، مع عجز الحكومة المركزية عن اتخاذ أيّ إجراءات حازمة لنزع أسلحتها التي يتحكم بها قادة تلك المجموعات، جعل منها طرفاً فاعلاً في المشهد الأمني والعسكري، وفي جانب التنافس على السلطة والموارد بين مختلف القوى الفاعلة في العراق.



وسيتيح امتلاك المجموعات الشيعية المسلحة لهذا الكم الهائل من السلاح خارج سلطة الدولة التفوق على مؤسستي الجيش والشرطة في أيّ صراع داخلي وتهميش قدرة الدولة ومؤسساتها.



وستواجه الحكومة المقبلة إشكالية كبيرة في التعاطي مع برنامج نزع أسلحة المجموعات المسلحة وحصر السلاح بيد الدولة، وسيكون عليها الموازنة بين خيار الإبقاء على قوة الدولة وهيبتها وعدم السماح لتشكيل كياناتٍ موازية تتمتع بنفوذ في مؤسساتها الأمنية والعسكرية، وخيار مواجهة رفض قيادات تلك المجموعات نزع أسلحتها طالما لم تتم معالجة مصير عشرات الآلاف من مسلحيها من حيث إدماجهم في المؤسسات الأمنية أو مؤسسات الدولة الأخرى، إلى جانب إقناع ايران، التي ترفض على لسان مرشدها الأعلى علي خامنئي، المساس ببُنية الحشد الشعبي، أو محاولات إضعافه. -



 
Latest News





 
 
Top News