خبير سياسي: "بوروندي مهدّدة بسيناريو عنف ما بعد الانتخابات"

بوجمبورا (بوروندي)/ رينوفات نداباشينز/ الأناضول



غابت المظاهرات لتحل محلها هجمات بالقنابل، ومخابئ للأسلحة، ورجال مسلّحون يتوغّلون في الأراضي البوروندية قادمين من خارجها.. هذه هي إحداثيات المشهد في بوروندي بعد أسبوع واحد من الانتخابات الرئاسية التي أفرزت فوز الرئيس المنتهية ولايته بيير نكورونزيزا. معطيات تبرهن على أن هذا البلد يسير بخطى ثابتة نحو سيناريو العنف لما بعد الانتخابات، وإن لازال شبح الحرب الأهلية مستبعدا حتى الآن، بحسب المحلل السياسي البوروندي، البروفيسور نيكودام بوغواباري.



فمنذ 21 يوليو/ تموز الجاري، تاريخ إجراء الانتخابات الرئاسية في بوروندي، قتل أكثر من 12 شخصا، بينهم مواطنون عاديون وأعضاء من المعارضة ومن قوات الأمن، في هجمات استهدفت العاصمة بوجمبورا وغيرها من مناطق البلاد، وفقا لإحصاء خاص بالأناضول، استنادا إلى مصادر أمنية ومحلية.



البروفيسور  بوغواباري قال، في حديث للأناضول: "أعتقد أن يوروندي في طريقها نحو عنف ما بعد الانتخابات، غير أنه لا يسعنا، بأي حال، القول بأنها على شفا حرب أهلية، بما أنّ الاحتجاجات المناهضة لترشّح الرئيس بيير نكورونزيزا لولاية رئاسية ثالثة، شهدت مشاركة من عرقيتي التوتسي والهوتو على حدّ السواء"، مضيفا أنه ولئن يمكن اعتبار أنّ ولاية نكورونزيزا الجديدة قانونية، إلا أنها تفتقد في المقابل إلى الشرعية، أي الدعم الشعبي غير المشروط، لأنّ "السلام لا يعني أن غدا هو الأمس".



ومنذ محاولة الانقلاب الفاشلة التي شهدتها بوروندي، في 13 مايو/ أيار الماضي، لجأ العديد من ضباط الجيش المتورّطين إلى دول الجوار، لاسيما رواندا، ليعلنوا من هناك عزمهم "إثناء نكورونزيزا عن ترشحه بالقوة". ومع إعلان اللجنة المشرفة على الانتخابات، الجمعة الماضي، فوز الرئيس المنتهية ولايته بالانتخابات الرئاسية (نتائج أولية)، تخلّت الإحتجاجات عن نفسها السلمي بالكامل، وتتالت أحداث العنف والهجمات، لتصبح من سمات الحياة اليومية للبورونديين.



انعطاف كان لابد وأن يتبلور من خلال وقائع عديدة أبرزها الهجمات بالقنابل، والتي استهدفت العاصمة ومناطق عديدة من البلاد، وأسفرت عن مقتل العشرات. كما تم العثور على الكثير من مخابئ الأسلحة، إضافة إلى تسجيل "توغّل لرجال مسلّحين" قادمين من الخارج، في الأراضي البوروندية، وفقا لتصريحات متفرقة للسلطات المحلية، مدعومة بشهادات لبورونديين.



وبسؤاله عما إن كانت أعمال العنف هذه ستتواصل أم لا، قال البروفيسور البوروندي، إنه "من البديهي أن تتواصل، ما دام هناك مناخ من عدم الدستورية"، في إشارة إلى ولاية نكورونزيزا الثالثة، لافتا إلى أنّ ما يكسر هذا العنف هو "وضع حدّ لهذه الولاية، وبشكل فوروي".



"أعتقد أنه يوجد الكثير من الفاعلين في المجتمع المدني والمعارضة"، يتابع بوغواباري، "ممن لن يقبلوا بهذه الولاية الجديدة، وهذا ما من شأنه أن يولّد العنف، كما أن الكثير من الدماء أريقت خلال الفترة السابقة، ولا ينبغي أن تذهب سدى، ولهذا، سيستمر الكثيرون في رفضهم القاطع للولاية الثالثة".



وبخصوص توقعاته للفترة المقبلة، قال المحلل البوروندي إنه يستبعد حدوث مواجهات بين النظام ومجموعة الضباط المتمردين التي قادت الانقلاب، مرجعا ذلك إلى أنّ التمرّد متعدّد الأبعاد، ولا يمكن تلخيصه في مجموعة من العسكريين المنفيين. كما أنّ "هذا التمرّد لا يمتلك الثقل الكافي الذي يمكّنه من إجبار نكورونزيزا على التراجع، بل إنه بصدد البحث عن ذاته، ولا شيء يشي بأنّه متّحد، ويكفي هنا التساؤل عن علاقة حسين رجبو (أحد أبرز معارضي نكورونزيزا ويعيش بمنفاه في تنزانيا)، والجنرال غودفراود نيومباري (قائد انقلاب 13 مايو/ أيار)؟"



وخلص الخبير إلى أنه لا توجد وحدة بين جميع تلك الفصائل التي "لا نعرف شيئا عنها، ولذلك لا أعتقد حتى أن صفة التمرّد تليق بمجموعات مماثلة"، مستدركا، في الآن نفسه، أنه يمكن استثمار الضغط الذي تقوم به لفائدة المعارضة، كرافعة أو ركيزة لـ "حمل النظام على تقديم تنازلات"، وإجبار نكورونزيا على قطع ولايته، والدعوة لإنتخابات جديدة، إثر فترة انتقالية تدوم لسنة".



وختم قائلا: "علينا استيعاب حقيقة أن موقع المعارضة والمجتمع المدني على ضوء الانقلاب الفاشل، لا يبدو حاملا على التفاؤل، إذ لا ينبغي أن تسمح باتهمامها بالتواطؤ مع المتمردين، ولذلك يجب أن تأخذ مسافة مع هذه المجموعة المسلّحة، على الأقل على مستوى التصريحات".



 



-----------------------------



أعدّته للنشرة العربية: ليلى الثابتي - Burundi