العالم يتقدم بسرعة نحو "عصر الكهرباء"

تم إصدار تقرير "آفاق الطاقة العالمية" (WEO) لهذا العام، الذي يُعتبر المصدر العالمي الأكثر موثوقية في تحليلات وتوقعات الطاقة لوكالة الطاقة الدولية (IEA). يسلط التقرير الضوء على المخاطر الكبيرة التي تخلقها التوترات الجيوسياسية الحالية على الأمن الطاقي والجهود العالمية للحد من انبعاثات غازات الدفيئة، بينما يستعرض تأثير عدم اليقين الجيوسياسي المتزايد، والتقنيات الجديدة، والتحول إلى الطاقة النظيفة، وتغير المناخ على الأمن الطاقي.

وفقًا للتقرير، تُظهر التوترات الجيوسياسية الحاجة إلى الانتقال السريع إلى الطاقة النظيفة من خلال الكشف عن الهشاشة في النظام الطاقي العالمي.

الطاقة المتجددة ستجذب المزيد من الاهتمام

يتم إضافة "اليابان" جديدة إلى الطلب العالمي على الكهرباء كل عام

على الرغم من النمو غير المسبوق لتقنيات الطاقة النظيفة، إلا أن توزيع هذا النمو يظهر اختلافات واسعة بين التقنيات والأسواق. في العقد الماضي، نما الطلب العالمي على الكهرباء بمعدل ضعف نمو الطلب على الطاقة. في هذا السياق، حيث يتم رؤية زيادة تعادل طلب اليابان في الطلب العالمي على الكهرباء كل عام، تتضح "خطوط نظام الطاقة الجديد والأكثر كهربائية". من الضروري زيادة الاستثمارات بسرعة، خاصة في شبكات الكهرباء ومجالات التخزين، لكي تستمر الطاقة النظيفة في النمو بسرعة وتلبية الطلب المتزايد. يحتاج قطاع الكهرباء إلى تقدم متساوٍ في استثمارات الطاقة المتجددة والشبكات والبطاريات لتحقيق إزالة الكربون بشكل آمن. وفقًا لوكالة الطاقة الدولية، على الرغم من الزخم المتزايد في التحول إلى الطاقة النظيفة، لا يزال العالم بعيدًا عن المسار المتوافق مع أهداف صافي الانبعاثات الصفرية. ستؤدي السياسات الحالية إلى ذروة انبعاثات ثاني أكسيد الكربون العالمية في وقت قريب، ولكن إذا لم يكن هذا الانخفاض حادًا، فهناك خطر أن يرتفع متوسط درجة الحرارة العالمية بحلول عام 2100 بأكثر من 2.4 درجة فوق مستويات ما قبل الصناعة. وهذا يتجاوز هدف اتفاقية باريس للحد من ارتفاع درجة الحرارة العالمية إلى 1.5 درجة.

"عصر الكهرباء سيحدد نظام الطاقة العالمي في المستقبل"

قال فاتح بيرول، رئيس وكالة الطاقة الدولية، في تقييمه للتقرير، إنه اعتمادًا على كيفية تطور التوترات الجيوسياسية بحلول عام 2025، قد يتشكل عالم طاقة مختلف تمامًا مع احتمال وجود إمدادات أعلى من النفط والغاز الطبيعي.

وأضاف بيرول: "هذا يعني ضغطًا هبوطيًا على الأسعار، مما يوفر بعض الراحة للمستهلكين الذين تأثروا بشدة بارتفاع الأسعار. يمكن أن يوفر هذا المجال للتنفس الناتج عن ضغوط الأسعار فرصة لصانعي السياسات لزيادة استثمارات التحول إلى الطاقة النظيفة وإزالة الدعم غير الفعال للوقود الأحفوري. وهذا يعني أن سياسات الحكومة وتفضيلات المستهلكين ستؤدي إلى نتائج كبيرة لمستقبل قطاع الطاقة ومكافحة تغير المناخ." مشيرًا إلى أن وكالة الطاقة الدولية ذكرت في تقارير WEO السابقة أن مستقبل النظام الطاقي العالمي يعتمد على الكهرباء، قال بيرول: "الآن أصبح هذا واضحًا للجميع. لقد شهدنا عصر الفحم وعصر النفط في تاريخ الطاقة لدينا. والآن نحن نتقدم بسرعة نحو عصر الكهرباء. سيحدد هذا العصر نظام الطاقة العالمي في المستقبل وسيعتمد بشكل متزايد على مصادر الكهرباء النظيفة." وأكد بيرول أن الصين هي جزء كبير من هذا الاتجاه، مشيرًا إلى أن "كل قصة طاقة تقريبًا تحتوي على قصة صينية في جوهرها"، بدءًا من الاستثمار، وطلب الوقود الأحفوري، واستهلاك الكهرباء، والطاقة المتجددة، والسيارات الكهربائية، والتقنيات النظيفة.

"لن نهتم بسعر البنزين، بل بسعر الكهرباء لكل كيلووات ساعة"

قال تيم غولد، كبير الاقتصاديين في وكالة الطاقة الدولية وأحد مؤلفي WEO، في تصريح له، إن المخاطر التي تؤثر على إمدادات النفط والغاز التقليدية لا تزال حاسمة لأمن الطاقة، وأن منتجي الغاز والنفط في المنطقة مهمون من حيث الإمدادات العالمية بسبب الصراع المتصاعد في الشرق الأوسط. بالإضافة إلى هذه العناصر التقليدية، أشار غولد إلى أن مشاكل قطاع الكهرباء، بما في ذلك المعادن الحيوية، هي جزء من أمن سلسلة إمدادات الطاقة النظيفة. وتحدث غولد قائلاً: "يتم تلبية جزء متزايد من احتياجاتنا من الطاقة الإضافية بالكهرباء فقط. نحن نضيف كل عام ما يعادل طلب اليابان الجديد إلى الطلب العالمي على الكهرباء. السبب في ذلك هو أن الكهرباء أصبحت في مركز حياتنا الحديثة، وأن بعض احتياجاتنا التي كنا نلبيها سابقًا بالوقود الأحفوري تُلبي الآن بالكهرباء. بالإضافة إلى ذلك، نرى أيضًا زيادة في الطلب على الكهرباء من مراكز البيانات، جزئيًا بسبب الاستخدام المتزايد للذكاء الاصطناعي."

"المستقبل سيكون عصر الكهرباء"

أشار غولد إلى أن نظام الطاقة الذي يركز على الكهرباء يتشكل نتيجة لهذه التطورات، واستمر في حديثه قائلاً: "لذلك نتحدث عن عصر كهربائي جديد كميزة تعريفية لنظام الطاقة في المستقبل. يجب أن تُنتج هذه الكهرباء أيضًا من تقنيات الطاقة النظيفة لمساعدتنا في تقليل الانبعاثات. أعتقد أن العلاقة الرئيسية لنا كمستهلكين مع نظام الطاقة ستكون فاتورة الكهرباء لدينا في الفترة المقبلة. عندما ننظر إلى نظام الطاقة، فإن الأرقام التي سنهتم بها أكثر ليست كم تبلغ تكلفة برميل النفط أو سعر البنزين في محطة الوقود، بل كم ندفع لكل كيلووات ساعة من الكهرباء في المنزل. هذه هي الأرقام الأكثر أهمية التي يجب أن يكون المستهلكون على دراية بها."

"الكهرباء تبدأ في تحدي النفط في قطاع النقل"

أفاد غولد أن الكهرباء تتقدم بسرعة في قطاع البناء، بينما يُلاحظ أقل تقدم في قطاع النقل. وأشار غولد إلى أن استهلاك النفط لا يزال مرتفعًا جدًا في قطاع النقل، قائلاً: "لكننا نرى أن الكهرباء بدأت تتحدى النفط. هناك مؤشر واضح جدًا على ذلك في الصين. تظهر البيانات الأخيرة أن نصف جميع مبيعات السيارات الجديدة في الصين كهربائية. هذا يمثل تغييرًا كبيرًا مقارنةً بوضع الصين قبل بضع سنوات، وهذا التأثير بدأ بالفعل يؤثر على أسواق النفط."