ستولتنبرغ ودع الناتو بهذه الكلمات: أوروبا ليست آمنة بدون تركيا.

سيقوم الأمين العام لحلف الناتو ينس ستولتنبرغ، الذي سيسلم مهامه لرئيس الوزراء الهولندي السابق مارك روت، بإلقاء خطاب وداع في حدث نظمته مؤسسة مارشال الألمانية. وأكد ستولتنبرغ في خطابه على أهمية تركيا لأمن أوروبا.

مراسم وداع ستولتنبرغ

تم تنظيم برنامج وداع في بلجيكا بمناسبة انتهاء فترة ولاية الأمين العام لحلف الناتو ينس ستولتنبرغ. وفي البرنامج الذي نظمته مؤسسة مارشال الألمانية (GMF)، قال ستولتنبرغ إن الناتو أصبح أقوى وأكثر أهمية من أي وقت مضى خلال فترة ولايته. وأضاف ستولتنبرغ: "منذ أن بدأت مهامي كأمين عام في عام 2014، شهد العالم تغييرات عميقة. شهدنا ضم روسيا غير القانوني لشبه جزيرة القرم، وصعود داعش، والغزو الروسي الشامل لأوكرانيا، وزيادة تنافسية الصين، وجائحة كوفيد، والهجمات السيبرانية المتطورة، وزيادة تأثير تغير المناخ على أمننا. والقائمة تطول. خلال فترة ولايتي كأمين عام، تم التشكيك في أهمية الناتو. تم الادعاء بأن التحالف منقسم وعفا عليه الزمن وأنه في حالة موت دماغي. لكن الحقيقة هي أن الناتو قوي وموحد وأكثر أهمية من أي وقت مضى."

"أشعر بالفخر"

وأشار ستولتنبرغ إلى أن الناتو شهد تغييرات كبيرة خلال السنوات العشر الماضية وأن هناك الآن آلاف الجنود من الناتو في الجناح الشرقي، وأن الجبل الأسود ومقدونيا الشمالية وفنلندا والسويد قد انضمت إلى الناتو، وأن أوكرانيا اقتربت من الناتو أكثر من أي وقت مضى. وقال: "أشعر بالفخر لخدمتي كأمين عام لحلف الناتو. أنا سعيد لأنني قمت بتوجيه هذا التحالف خلال عشر سنوات حاسمة تاريخياً". وأعرب ستولتنبرغ عن اعتقاده بأن هناك خمسة دروس تعتبر مفتاح نجاح التحالف في المستقبل، حيث عرّف الأول بأنه يجب أن نكون مستعدين لدفع ثمن السلام.

"يجب ألا نرتكب نفس الخطأ مع الصين"

وأكد ستولتنبرغ أن الدرس الثاني هو أن الحرية أهم من التجارة الحرة، قائلاً: "قبل فترة ليست طويلة، كان العديد من الحلفاء يعتقدون أن شراء الغاز من روسيا هو مسألة تجارية بحتة. كان هذا خطأ. استخدمت روسيا الغاز كسلاح للضغط علينا ومنعنا من دعم أوكرانيا. يجب ألا نرتكب نفس الخطأ مع الصين."

"أوكرانيا ستنضم إلى الناتو"

وأشار ستولتنبرغ إلى أن الدرس الثالث هو أن القوة العسكرية شرط مسبق للحوار، قائلاً: "الحوار لا ينفع إلا إذا كان لديك قدرة دفاعية قوية خلفك. وهذا يتضح بشكل واضح في حالة أوكرانيا". وأكد ستولتنبرغ أنه لا يمكن إقامة أمن مستدام في أوروبا ما لم تكن أوكرانيا مستقرة، قائلاً: "وبالمثل، لا يمكن الحديث عن أمن دائم في أوكرانيا ما لم تكن أوكرانيا عضواً في الناتو. أبواب الناتو مفتوحة. ستنضم أوكرانيا إلى الناتو".

"المهمة في أفغانستان استمرت طويلاً"

وأشار ستولتنبرغ إلى أن الدرس الرابع هو أن هناك حدوداً للقوة العسكرية، قائلاً: "لقد رأينا ذلك بوضوح في أفغانستان. كان من الصحيح دخول أفغانستان بعد هجمات 11 سبتمبر. كانت تدخلاتنا تستند إلى تفويض واضح من الأمم المتحدة. وقد حصل التدخل على دعم سياسي واسع عبر التحالف. لقد ضعّفنا القاعدة ومنعنا أفغانستان من أن تصبح ملاذاً آمناً للإرهابيين الدوليين. لذا، لم تكن مهمتنا بلا جدوى". من ناحية أخرى، أشار ستولتنبرغ إلى أن المهمة في أفغانستان استمرت طويلاً، قائلاً: "عندما انضممت إلى الناتو في عام 2014، كان المخطط هو إنهاء وجودنا العسكري هناك في غضون بضع سنوات وتحويله إلى شراكة سياسية. لكن بعد سبع سنوات، كنا لا نزال هناك مع آلاف الجنود. تحولت المهمة التي بدأت كعملية لمكافحة الإرهاب إلى مهمة لبناء أمة على نطاق واسع". وأكد ستولتنبرغ أن تكلفة توسيع المهمة كانت واضحة، قائلاً: "بعد 20 عاماً، لم نكن نكسب الحرب بعد. كانت طالبان تحقق تقدماً وعندما غادرنا، لم يكن هناك سلطة أفغانية موحدة تتحمل المسؤولية. إن انهيار الحكومة الأفغانية وقوات الأمن بهذه السرعة أظهر أن قرار الانسحاب كان صحيحاً".

تحذير لأوروبا: من المستحيل بدون تركيا

أشار ستولتنبرغ إلى أن الدرس الخامس والأهم هو أنه يجب ألا يُنظر إلى الروابط بين أوروبا وأمريكا الشمالية على أنها مضمونة، قائلاً: "الناتو ليس شيئاً محفوراً على الحجر. الناتو هو نتيجة خيارات واعية وإرادة سياسية. لقد سمعنا أصواتاً تقول إنه يجب على أمريكا وأوروبا أن تفترق. التركيز على المصالح الوطنية قصيرة الأجل لا يمكن أن يحل محل التعاون طويل الأجل. سياسة العزلة لا تحمي أحداً. نحن نعيش في عالم مترابط. التحديات الأمنية كبيرة للغاية والمنافسة شديدة. لا يمكن لأي دولة أن تتعامل مع هذا بمفردها. الاستثمار في العلاقة عبر الأطلسي هو الطريق الوحيد المربح للمضي قدماً". وأكد ستولتنبرغ أنه يجب على الأوروبيين أن يفهموا أنه لا يمكن ضمان أمن أوروبا بدون الناتو، قائلاً: "80% من نفقات الدفاع للناتو تأتي من دول ليست أعضاء في الاتحاد الأوروبي. هذه ليست مجرد مسألة موارد. إنها أيضاً مسألة جغرافيا. من المستحيل تصور أمن القارة الأوروبية بدون تركيا في الجنوب، والنرويج في الشمال، والولايات المتحدة وكندا وبريطانيا في الغرب". وأكد ستولتنبرغ أن التحالف عبر الأطلسي له فوائد كبيرة لكل من أوروبا والولايات المتحدة، مشيراً إلى أنه يجب ألا ننسى أن أي قوة عظمى أخرى لا تمتلك أصدقاء وحلفاء مثل الولايات المتحدة.