Haberler      English      العربية      Pусский      Kurdî      Türkçe
  Haberler.com - آخر الأخبار
البحث في الأخبار:
  منزل 25/04/2024 08:49 
News  > 

تونس.. هل ينجح الحوار الوطني في ظل إقصاء الأحزاب؟

27.05.2022 10:41

الباحث هشام الحاجي: شروط الرئيس قيس سعيد وموقفه من الأحزاب، أفقد الحوار مهمته الأساسية. المعارضة رهانها أهم من الحوار، وهو ألا يتم الاستفتاء على الدستور وتمريره.

عادل الثابتي/ الأناضول

قلل خبيران من قدرة الحوار الوطني على حل الأزمة السياسية في تونس، معتبرين أن الرئيس قيس سعيد "لا يحتاج فعلا لحوار وطني بقدر ما يهدف إلى إجراء الاستفتاء، وتغيير طبيعة النظام السياسي" القائم إلى حدود 25 يوليو/تموز الماضي.

واعتبر الخبيران في حديث للأناضول، أن "ضعف المعارضة وتشتتها يزيد من رغبة الرئيس في المرور بقوة حتى أنه أقدم على تهميش أكبر قوة اجتماعية أثرت في المسار السياسي لتونس طيلة 10 سنوات وهي منظمة الاتحاد العام التونسي للشغل التي تأسست عام 1946، وينخرط بها مئات آلاف العمال".

والجمعة، نشر بالجريدة الرسمية، مرسوم رئاسي يقضي بتشكيل "الهيئة الوطنية الاستشارية من أجل جمهورية جديدة"، ولجنتين استشاريتين وأخرى لـ"الحوار الوطني".

ومساء الأربعاء، أصدر الرئيس سعيد، مرسوما لدعوة الناخبين إلى التصويت في استفتاء على دستور جديد للبلاد في 25 يوليو/ تموز المقبل، الذي ستشرف الهيئة الوطنية الاستشارية على إعداده، متجاهلا دعوات المعارضة للتراجع عن الخطوة المثيرة للجدل.

** "حوار ولد ميتا"

الباحث في علم الاجتماع هشام الحاجي، قال للأناضول، إن "الشروط المسبقة التي وضعها رئيس الجمهورية للمشاركة في الحوار والمتعلقة بمضامينه، أفقدته مهمته الأساسية والرئيسية".

وأردف: "في نهاية الأمر الحوار لا يكون إلا بين أطراف بينها اختلافات، الشروط المسبقة وللأسف موقف الرئيس من الأحزاب أثر كثيرا على نوعية المشاركين".

وأوضح أن المشاركة في الحوار تحولت "إلى الاقتصار على بعض المنظمات وبعض الجمعيات التي كان لها وزن في الماضي ولكن حاليا لا يمكنها بمفردها أن تعبر عن توجهات الرأي العام".

الرئيس السابق للمعهد التونسي للدراسات الاستراتيجية (تابع لرئاسة الجمهورية) طارق الكحلاوي، قلل من قيمة الحوار الوطني المرتقب، قائلا "الوضع كما هو يعطي انطباعا أن الرئيس سارع في تنزيل نص قانوني (مرسوم) حول الحوار حدد فيه الأطراف المشاركة دون الاستئناس برأيها وخاصة الاتحاد العام التونسي للشغل".

وأضاف الكحلاوي للأناضول، أن هذا "يعكس احتمالين اثنين، إما أن الرئيس يتصرف بالشكل السياسي غير التقليدي الذي لا يقوم بمشاورات سياسية وتهيئة الأمور و تنظيمها قبل الإعلان عن شكل الحوار، أو أنه غير مهتم كثيرا بمسألة الحوار وهو الأرجح، أي يعتبره مسألة ثانوية".

واستطرد: "لأن ما قام به (الرئيس) في خصوص الاتحاد (العام التونسي للشغل/ أكبر منظمة نقابية في البلاد) لا يعكس رغبة كبيرة في مشاركة الاتحاد"، الذي أعلن في 23 مايو/أيار الجاري، عدم المشاركة في الحوار.

الباحث الحاجي، اعتبر أنه "حين نضيف موقف الاتحاد العام التونسي للشغل الذي وقعت بلورته في الهيئة الإدارية الأخيرة، والذي رفض الحوار نفهم أن هذا الحوار ولد ميتا".

وتابع: "كان سيكون قبول الاتحاد بالحوار مناسبة لمحاولة إضفاء شيئا من المشروعية على توجه الرئيس".

** اتحاد الشغل

ذكر الكحلاوي، أن "الاتحاد العام التونسي للشغل من الصعب أن يدخل في تعبئة عبر الإضرابات، وإن ذهب في الإضراب الذي أعلنه خلال اجتماع الهيئة الإدارية (في 23 مايو)".

وأضاف: "الإضراب قد يكون له رد فعل عكسي في الرؤية الشعبية له، ذلك أن الاتحاد يعتبر جزءً من النخبة التي برزت خلال 10 سنوات وشارك في الترتيبات السياسية التي تمت".

وحول القوى المساندة لسعيد وحواره في الاتحاد، من منتسبي "حركة الشعب" و"تيار الوطنيين الديمقراطيين"، يقول المتحدث: "قيس سعيد ساهم في عزل هذه القوى المساندة له في الاتحاد، الذي يملك هوية جامعة تعتبر أن الاتحاد له هيبته وقوته، ولا يمكن التعامل معه من فوق وبالمراسيم وتهميش دوره".

وزاد: "هذا سمح لنور الدين الطبوبي (أمين عام الاتحاد) بخلق إجماع داخل الهيئة الإدارية له، برفض الحوار الذي عرضه سعيد في مرسومه".

** ضعف المعارضة

وفي سياق العوامل التي تشجع الرئيس على الذهاب في "مشروعه "، يقول الباحث الحاجي: " تقدير سعيد أن المعارضة تعاني من أمرين، أولا هي ضعيفة وفقدت قدرتها على الاستقطاب، وثانيا أن المعارضة مشتتة ولها خلافات داخلية".

وتابع: "طالما بقيت المعارضة ضعيفة ومشتتة وغير قادرة على استقطاب شرائح أوسع من الرأي العام لصالحها لن تؤثر في المدى القريب على الرئيس، خاصة وأنه من الناحية الواقعية والقانونية والدستورية له متسع من الوقت لأن عهدته تنتهي في أكتوبر(تشرين الأول) 2024".

واستطرد: "المعارضة رهانها أهم من الحوار، وهو ألا يتم الاستفتاء على الأقل بهذا الشكل وفي هذا التاريخ، ولا يتم تمرير دستور دون مشاركتها".

وتابع: "مشكل النخب هو ترتيبات انتخابات ديسمبر (كانون الأول) 2022 لأن الدستور الجديد هو الترتيبات الجديدة للانتخابات، أي الوصول للسلطة، فإذا أقيمت وفق نظام رئاسي بقوائم فردية ستعتبر المعارضة أن وزنها يضعف".

وشدد على أن "سواء صار حوار وطني أم لا، لن يتراجع سعيد عن استفتاء 25 يوليو، وهو مستعد أن يفشل الحوار على أن يقبل تأجيل الاستفتاء".

** حوار لا يحل الأزمة

وحول قدرة الحوار الوطني على حل الأزمة السياسية بالبلاد، يقول الكحلاوي: "الأزمة القائمة هي أزمة مركبة وليست فقط أزمة حوار وما نتحدث عنه هو أزمة داخل النخب".

وتابع: "عموم الناس بالنسبة لهم الأزمة هي أزمة اقتصادية واجتماعية (..) المشكل السياسي لن تكون له أهمية على موازين القوى إلا في علاقة بالجانب الاقتصادي والاجتماعي".

وزاد: "ما لم تحدث حلحلة للوضع الاقتصادي والاجتماعي من خلال اتفاق مع صندوق النقد الدولي، أو من جهة أخرى حدوث احتجاجات اجتماعية، لن يتغير شئ".

وأفاد بأن "اتفاق مع صندوق النقد الدولي (على قرض مالي) يحل الأزمة لصالح الرئيس ويتركه يعمل بأكثر راحة أو العكس".

وذكر أن "اتفاق النخبة من عدمه لا يغير شيئا، لأن قيس سعيد له أجهزة الدولة، والنخبة في وضعية تشتت وعدم امتلاك رؤية واضحة، وقدرتها على التعبئة ضعيفة".

فيما أوضح الحاجي، أن "الأزمة مظاهرها متعددة سياسية واقتصادية واجتماعية ولأن الأطراف التي يمكن أن تساهم في حلها موجودة خارج الحوار سواء وقع استبعادها بشكل مسبق من قبل رئيس الجمهورية أو اختارت عدم المشاركة مثل اتحاد الشغل".

وزاد: "عدم الحوار لن يساهم في حل الأزمة الحالية، بل سيمنحها وقودا لتتعمق أكثر في ظل أداء حكومي أقل ما يقال عنه أنه متعثر ولا يتناسب مع ما تقتضيه المرحلة من سرعة ومن إنجاز".

** تسويق خارجي

وفق الحاجي، فإن "سعيد يحتاج الحوار الوطني فقط كممارسة شكلية للاستدلال به أمام الأطراف الأجنبية التي أصبحت معنية بالوضع التونسي والتي لها ملاحظاتها وانتقاداتها وتطالب بالعودة إلى المسار الشرعي".

واعتبر أن "الحوار ربما يزيل الملاحظات الأجنبية ويمثل حجة على أن الرئيس غير منغلق، ولكن في نهاية الأمر الشروط التي يضعها لم يقدم فيها أي تنازل بما يدل على أنه ماض في برنامجه رغم أنه يدرك من الصعب العودة إلى ما قبل 25 يوليو، وهذا متفق حوله جميعا لكن في المقابل هناك أزمة تحتاج إلى حل سياسي".

واستطرد: "تونس في وضعية الاستعصاء وهي أكبر من وضعية الانغلاق، إذ لا نستطيع أن نتقدم ولا نستطيع أن نعود إلى الوراء".

بينما قال الكحلاوي: "فهو (سعيد) يذهب في الحوار نظرا للضغط الدولي وبعض الضغط الداخلي، لكن في النهاية ربما تصوره أن موازين القوى تسمح له بالذهاب في توجهه دون الحاجة للحوار".

وتابع: "من هنا تأكيده أن الحوار استشاري ولا يخرج عن نتائج الاستشارة الإلكترونية ولن يحدد محتوى النص الدستوري (..) حول المواعيد واضح أن سعيّد غير مرتاح لأي اشارة لتعديل مواعيد الاستفتاء والانتخابات".

واستدرك: "عدم مشاركة الاتحاد في الحوار الوطني سيجعل جدوى الحوار السياسية ضعيفة وضعيفة جدا بمن سيبقى للمشاركة، حتى الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان لن تشارك كما كان منتظرا".

وحول عميد المحامين إبراهيم بودربالة، الذي عينه سعيد على رأس اللجنة الاجتماعية والاقتصادية، ذكر المتحدث: "هناك تمايز بين موقفه وموقف الهيئة (الهيئة الوطنية للمحامين التي يرأسها بودربالة)، مجلس الهيئة سيكون موقفه فيه مكابح في اتجاه أن لا تشارك إذا لم تشارك أطراف أخرى".

** فشل الحوار

يقول الكحلاوي، إنه "حتى إذا اعتقد الرئيس أن الحوار ثانوي فإن (..) فشله سيحسب عليه حتى وإن كان يقوم بذلك دون الرغبة في الحوار".

وأضاف: "الرئيس قام بمبادرته وهي مبادرة سياسية وفشلت، أفشلها هو أو الظروف العامة أو التوازن الموجود، هذا لا يهم".

** تحركات اجتماعية

بقول الحاجي: "دون وجود احتجاجات اجتماعية كبرى سيحصل الاستفتاء، فالأجهزة الحاملة للسلاح لا تزال مع الرئيس أو ليست في محل مواجهة معه".

وزاد: "الحوار الوطني ليس ضروريا، إذا لم تحصل تحركات اجتماعية كبرى لن يتعطل الاستفتاء، أما نسبة المشاركة فهي مسألة أخرى، قد تكون ضعيفة والحوار الوطني ليس بالأهمية في نظر سعيد، الأمر الذي يجعله يقدم تنازلات تعطل استفتاء 25 يوليو".

وبالنسبة للكحلاوي: "واضحة ملامح النظام السياسي الذي يريد تمريره سعيد وهو ليس النظام الذي يتحدث عنه بعض مفسريه ( النظام القاعدي) بل هو نظام رئاسي وفق ديمقراطية ليبرالية".

وتعاني تونس منذ 25 يوليو الماضي، أزمة سياسية حادة، حيث فرض سعيد آنذاك إجراءات استثنائية، منها تجميد اختصاصات البرلمان، وإصدار تشريعات بمراسيم، وإقالة الحكومة وتعيين أخرى.

وترفض عدة قوى سياسية ومدنية هذه الإجراءات، وتعتبرها "انقلابا على الدستور"، بينما تؤيدها قوى أخرى ترى فيها "تصحيحا لمسار ثورة 2011"، التي أطاحت بالرئيس زين العابدين بن علي. -



 
Latest News





 
 
Top News