نازك شمام / الأناضول
يبحث السودانيون عن مخرج من أزماتهم الاقتصادية، لكن هذه المرة من بوابة إسرائيل، بهدف الانفتاح على العالم الخارجي، عقب الإطاحة بنظام الرئيس عمر البشير.
منذ فبراير/ شباط الماضي يسود جدل حول إمكانية التطبيع بعد لقاء تم بين رئيس المجلس السيادي السوداني، عبدالفتاح البرهان ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.
ينقسم الشارع السوداني بين من يرى في التطبيع مع إسرائيل، مكسباً اقتصادياً يساعد على التخفيف من حدة الأزمات المعيشية، وبين مزيد من القيود من نوع آخر ستفرض على البلاد.
في فبراير الماضي، قالت رئاسة الوزراء الإسرائيلية في بيان، إن نتنياهو والبرهان بحثا في مدينة عنتيبي الأوغندية سبل التعاون المشترك، من شأنه أن يقود إلى تطبيع العلاقات بين البلدين.
وتجدد الجدل مرة أخرى في سبتمبر/ أيلول الماضي عند مباحثات أجراها وفد سوداني رفيع المستوى مع مسؤولين أمريكيين في الإمارات، تناولت قضايا بينها "السلام العربي مع إسرائيل".
إلا أن تقارير إعلامية إسرائيلية وأمريكية آنذاك، قالت إن الخرطوم وافقت على تطبيع علاقاتها مع تل أبيب، في حال تم شطب اسم السودان من قائمة "الإرهاب"، وحصوله على مساعدات أمريكية بمليارات الدولارات.
والإثنين الماضي غرد الرئيس الامريكي، دونالد ترامب قائلا: "أخبار عظيمة، وافقت حكومة السودان الجديدة، التي تحرز تقدما عظيما، على دفع 335 مليون دولار لضحايا الإرهاب الأمريكيين وعائلاتهم".
والتسوية، تمثل مطالبات أسر ضحايا تفجيرات السفارتين في كينيا وتنزانيا عام 1998، والمدمرة "يو أس كول" قرب شواطئ اليمن، عام 2000، والتي تتهم واشنطن نظام الرئيس السوداني المعزول عمر البشير بالضلوع فيها.
ونقلت صحيفة "إسرائيل اليوم"، عن مسؤولين (لم تسمهم)، الخميس، قولهم: "من المرجح أن تصدر الخرطوم إعلانا رسميا بشأن التطبيع مع إسرائيل، نهاية الأسبوع الجاري".
الأربعاء الماضي، قالت هيئة البث العبرية (رسمية) إن وفدا إسرائيليا، زار العاصمة السودانية الخرطوم، على متن طائرة خاصة في رحلة مباشرة بين تل أبيب والخرطوم، استعدادا للإعلان عن تطبيع العلاقات بين البلدين.
وتخالف هذه التحركات، تصريحات صدرت الثلاثاء الماضي عن وزيرة المالية السودانية المكلفة، هبة محمد علي، قالت إن استبعاد اسم بلادها من قائمة الإرهاب ليس مرتبط بأي ملف آخر، في إشارة للتطبيع مع إسرائيل.
اقتصاديا، يؤكد خبراء سودانيون على وجود مكاسب اقتصادية يمكن أن ينالها السودان، حال اتخاذ قراره في التطبيع.
يرى أمين مال غرفة المصدرين باتحاد الغرف التجارية (أهلي)، إبراهيم أبوبكر أن إسرائيل حققت طفرة في مجال التقنية والتكنولوجيا، والتي يمكن للسودان الاستفادة منها حال حدوث التطبيع.
وأشار أبوبكر في حديثه مع (الأناضول) إلى التجربة المصرية في مجال التقنيات الزراعية، والتي مكنت مصر من زراعة عدد كبير من المحاصيل لاسيما الخضار والفاكهة والعمل على تصديرها.
وقال: "من المهم أن يستفيد السودان من أنظمة الري المحوري وتقنيات الزراعة، لتحقيق أعلى إنتاجية في المساحات الزراعية التي يمتلكها السودان"، والتي تعد إسرائيل رائدة فيها.
يمتلك السودان مقومات زراعية هي الأكبر في المنطقة العربية، بواقع 175 مليون فدان (الفدان يساوي 4200 متر مربع) صالحة للزراعة، بجانب مساحة غابية تقدر بـ 52 مليون فدان.
وشدد أبوبكر على أهمية إنشاء ملحقية زراعية في تل أبيب، بعد التطبيع مع إسرائيل للاستفادة من التقنيات الزراعية، التي تمتلكها.
وأكد على إمكانية الاستفادة الكبرى من الشركة الإسرائيلية في مجال تركيز الخامات في مجال المعادن تجنبا لتصدير الخام وقيمة مضافة لتحقيق عوائد مالية أكبر.
ويتوافق رأي أبوبكر مع الصحفي السوداني المتخصص في الشؤون الاقتصادية، أبو القاسم إبراهيم في استفادة البلاد من التقنيات والتكنلوجيا الإسرائيلية في المجالات المختلفة.
إلا أن إبراهيم نبه إلى أن إسرائيل لا تميل في إعطاء دعم مالي مباشر، وتكتفي بعمليات التبادل التجاري لمصلحة البلدين، ولفت إلى تجربة الدول التي سبقت السودان في عملية التطبيع الأردن ومصر.
وبحسب حديثه مع الأناضول، فإن إبراهيم يرى أن عملية التطبيع ستفتح أسواقاً جديدة لتسويق الصادرات السودانية خاصة الصمغ العربي واللحوم.
وجدد إبراهيم حديث أبوبكر في الاستفادة من التقنيات الحديثة لإسرائيل في مجال الزراعة، والتي من شأنها أن تساهم في تحقيق طفرة إنتاجية كبرى بالسودان.
وأشار إلى مجالات أخرى يمكن ان تساهم فيها تل أبيب في علاقاتها مع الخرطوم، وتشمل التوليد الكهربائي والاتصالات إضافة إلى المجالات البحثية.
غير أنه أكد على أن الاستفادة الاقتصادية القصوى، ستكون من صالح إسرائيل، لبحثها المستمر عن دولة لتكون بوابتها إلى القارة الإفريقية .
ودعا الحكومة الانتقالية الاستعداد لمرحلة التطبيع مع إسرائيل عبر تجهيز مشروعات طموحة، يمكن أن تحقق مكاسب كبيرة للسودان وتجهيز فريق مفاوض قادر على تحقيق أعلى المكاسب الاقتصادية.
وطالب بتكوين بيت خبرة وطني لدراسة المشروعات المقدمة وضرورة النظر الى التجربة المصرية والاردنية في مجال التطبيع. -
|