Haberler      English      العربية      Pусский      Kurdî      Türkçe
  Haberler.com - آخر الأخبار
البحث في الأخبار:
  منزل 25/04/2024 11:25 
News  > 

قصور "جانت" بالجزائر.. تحف معمارية تقاوم الاندثار

19.11.2019 10:27

أزلواز" و"أجاهيل" و"الميهان" تواجه مخاطر الزوال وتغيير طابعها التاريخي جراء عوامل بشرية وطبيعية.

حسام الدين إسلام/ الأناضول

3 قصور تنتصب في مدينة "جانت" التاريخية بمحافظة إليزي بالجزائر، تصارع من أجل البقاء، وتتحدى الزمن برونقها وطابعها الهندسي الفريد.

أزلواز"، "أجاهيل" و"الميهان".. 3 تحف معمارية بقلب "جانت"؛ المدينة التي تشتهر بأجمل مغيب شمس في العالم حسب تصنيف منظمة السياحة العالمية، تقاوم جراء تعرضها للتآكل بسبب عوامل بشرية وطبيعية.

وتلقب المدينة بـ"عاصمة الطاسيلي" نسبة إلى حظيرة "طاسيلي ناجر" (هضبة الثور)، المصنفة من طرف منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (اليونسكو) تراثا عالميا مختلطا (طبيعي وثقافي) منذ عام 1982.

و"طاسيلي ناجر"؛ هي سلسلة جبلية تقع وسط الصحراء في الجنوب الشرقي للجزائر بإليزي، وتضم واحدة من أهم التشكيلات للرسومات الكهفية لما قبل التاريخ في العالم.

ويتميز بناء القصور الثلاثة بطابع هندسي عتيق فريد من نوعه، يمزج بين أناقة وروعة التصميم وبساطته، وتتكون من منازل وشوارع ومساجد وغرف وأبواب خشبية (جذع النخيل) وممرات وغيره.

** ذاكرة سكان "طاسيلي ناجر"

نظرا لمكانتها الهامة في التراث الجزائري والذاكرة الجماعية لسكان "طاسيلي ناجر"، تم تصنيف قصور "جانت" الثلاثة (أحياء قديمة من حيث النمط السكني)، كتراث وطني محمي منتصف يوليو/ تموز 2018.

وشيدت قصور (إغرمان بلهجة الطوارق/ أمازيغ المحلية) واحة جانت الثلاثة "أزلواز" و"الميهان" و"أجاهيل"، بأدوات ومواد أولية طبيعية مثل الطين والرمل وجذع النخيل والحجارة.

وتكرر السلطات الجزائرية في كل مناسبة عزمها تطوير السياحة الصحراوية خلال فصل الشتاء، كرافد لدعم الاقتصاد، خصوصا أن عشرات الآلاف من السياح المحليين والأجانب يقصدون الجنوب في هذه الفترة من العام.

وفي ظل عزم الحكومة على إعادة البريق لها وجعلها رافدا من روافد تنمية السياحة الثقافية، تشكل قصور "جانت" موروثا ثقافيا وحضاريا تصنعه منازل وشوارع ومنازل وساحات ومساجد وأسقف وجدران تصارع من أجل البقاء جراء تعرضها للتآكل بسبب عوامل بشرية وطبيعية مثل الفيضانات والعواصف الرملية.

** معالم صامدة

وفق مؤرخين، تنتصب قصور جانت منذ قرون على ضفتي وادي "إجريو" الذي يشهد فيضانات وسيولا جارفة في فصل الصيف والخريف.

ويقع قصر "أجاهيل" أسفل مرتفعات صخرية على الضفة اليمنى لواحة "جانت" ووادي "إجريو"، وتحيط به النخيل من كل جهة.

أما قصرا "أزلواز" والميهان، فينتصبان قبالة بعضهما البعض في جهة واحدة، حيث يتوزعان على جبال صخرية تقع على يسار وادي "إجريو" وواحة جانت.

وتتضارب الروايات بشأن عمر قصور جانت، حيث يرجح مؤرخون إلى أنّ عمرها أكثر من 7 قرون، وأقدمها "الميهان" والمسمى أيضا "تغورفيت" نسبة إلى اسم إحدى قبائل (عروش) المنطقة وعمره أكثر من 9 قرون.

وفي جولة لـ"لأناضول" داخل القصور الثلاثة التي يقطن في جزئها غير مهدم عدد كبير من السكان، بدا حجم الخراب والتدهور الذي طال هذه التحف الصامدة في وجه الزمن، كبير، حيث انتشرت القمامة في بعض أجزائها، وانهار عدد من مبانيها وممراتها وجدرانها وسقوفها.

** مخطط حماية

منذ 2018، شرعت المديرية الوطنية لمشروع "المحافظة على التنوع البيولوجي ذو الأهمية العالمية والاستعمال المستدام لخدمات الأنظمة البيئية في الحظائر الثقافية" (هيئة تابعة لوزارة الثقافة)، في تنفيذ مخطط لحماية حظيرة الطاسيلي نازجر،وتهيئة قصور جانت وتحويلها إلى رافد للسياحة الثقافية.

وقال رئيس المديرية صالح أمقران، خلال يوم دراسي حول "قصور جانت" انتظم يومي 25 و26 سبتمبر/ أيلول المالي: "يُجهل تاريخ بناء قصور جانت التي تشهد على تأقلم الإنسان مع الطبيعة والظروف المناخية".

وأضاف أمقران: "الواحة والمياه والقصور. هذه العناصر الثلاثة تشكلت في جانت وهي التي أدّت إلى استقرار الإنسان بهذه المنطقة".

واستطرد قائلا: "ملفات حفظ وحماية التراث وتثمين التراث المعماري واستغلاله سياحيا بالمنطقة مطروحة منذ سنوات عديدة".

وأشار المتحدث إلى أنّ "المؤتمر الدراسي خرج بتوصيات ستنفذ قريبا، أبرزها تنفيذ مخطط استعجالي للحفاظ على قصور جانت، بتنظيف المكان وفتح المسالك المغلقة وتدعيم البنايات الآيلة للسقوط".

من جانبه، قال أوقاسم يوسف، الباحث الجزائري في تراث جانت، إنّ "المدن الصحراوية منها قصور جانت تأسست منذ القرون القديمة".

وأضاف أوقسام للأناضول على هامش مؤتمر حول قصور جانت رافدا لتنمية السياحة الثقافية، عقد في سبتمبر الماضي، أن "الإنسان بهذه المنطقة كان يبتكر أدوات للعيش، فبنى هذه القصور حتى يستقر ولجأ إلى الفلاحة (الزراعة)".

وأشار إلى أنّ "معرفة أقدمية القصور غير ممكن، ولا يمكن حصر زمانها، لكن وضعها يوحي إلى أنّ عمرها يقارب ألف عام (10 قرون)".

ولفت إلى أنّ "هندسة القصور الثلاثة خاصة جدا، مثلا عدد البوابات قليل والنوافذ عالية وضيقة بعضها مفتوح على غرف أخرى قصد تداول الأخبار بين من في البيت وبين سكان القصور، أمّا البيوت الكبيرة ففيها مشاجب خشبية ومصعد نحو السطح وهو مدخنة أيضا".

** عوامل طبيعية وبشرية

الباحثة الجزائرية في الآثار فاطمة تقابو، رأت أنّ قصور "جانت" صامدة بوجه الزمن والطبيعة والإنسان، لكن وضعها متدهور.

وقالت تقابو للأناضول إنّ "أزقة قصر أزلواز ضيقة وواسعة، لكن التجول فيها صعب نتيجة الركام الموجود جراء تساقط الجدران والحجارة والأتربة، ويحيط بها خطر آخر يتعلق بالصخور المعلقة والتب ستسقط حتما مع الوقت".

واستطردت: "جزء كبير من جدران القصور انهار تماما، وأخرى تعاني من تشققات وتصدعات، وبعضها مبني بالإسمنت وهذا غير لائق وأفقدها طابعها المعماري العتيق".

وتابعت: "أسقف البيوت اندثرت بنسبة 80 بالمائة، في قصر أزلواز وفي الجزء غير المرمم لقصري الميهان وأجاهيل انهارت تماما، وبعض البيوت أصبحت مهجورة ونمت فيها الأعشاب".

ودعت تقابو إلى ضرورة تنفيذ "مخطط استعجالي" لإنقاذ هذه القصور من الزوال، في ظل ما وصفته بـ"التدخلات غير اللائقة" من طرف سكانها باستعمال مواد بناء عصرية، وإدخال أسلاك الكهرباء وتشويه منازلها بالخربشات والرسومات. -



 
Latest News





 
 
Top News