إسطنبول/ صهيب قلالوة/ الأناضول
مع اقتراب غروب شمس كل يوم في رمضان، تتراص موائد الإفطار في ساحات جامع شاملجا، الأكبر في الجمهورية التركية.
وفوق تلك التلة المطلة على الشطرين الآسيوي والأوربي، يقف جامع شاملجا بمآذنه الأربعة شامخاً، ليستقبل كل يوم زواره من كل مكان.
وبأعلى قمة في مدينة إسطنبول، وعلى إطلالة بانورامية ساحرة للزائرين، على المضيق الذهبي، يرتل الصائمون القرآن الكريم، ويبتهلون بالدعاء إلى الله، ما قبل الإفطار.
ومؤخراً، خصصت دائرة الشؤون الدينية، العديد من الحدائق والميادين حول المسجد، بمساحة 30 دونما، ليتمكن الزائرون ولاسيما في شهر الرحمة، من عيش أجواء روحانية في هذا الشهر الفضيل.
ويبدأ الصائمون يومياً بالقدوم إلى مسجد شاملجا، في نحو الساعة السابعة من كل يوم، حيث تم تخصيص حدائق ومقاعد للعائلات، إضافة إلى العديد من الخدمات الموجودة، كتوزيع شراب الأيران والماء عند الإفطار.
وبعد الإفطار، يبدأ الزوار بالتقاط صور السلفي من حديقة المسجد، والاستمتاع بمنظر إطلالتها التي تعد من أجمل إطلالات إسطنبول، كونها تشرف على الجزأين الآسيوي والأوروبي للمدينة، إضافة إلى جزء من بحر مرمرة.
** إقبال كبير
ويشهد المسجد، إقبالاً كبيراً من قبل العرب المقيمين في إسطنبول، أو السائحين، حيث يشهد المسجد إقبالاً واسعاً من السياح العرب.
ويتخلل ليالي الشهر الفضيل، صلاة التراويح وتلاوات قرآنية مباركة، إضافة إلى الأدعية التي تتم بشكل جماعي، علاوةً على الإفطارات الجماعية التي يتم تنظيمها من قبل المنظمات الشبابية والجميعيات الدينية.
ومع دخول وقت العشاء، يزدحم الجامع بالمصلين من إسطنبول وأيضا من خارجها، حيث يتحول إلى خلية نحل تعج بالأصوات العذبة التي تتلو آيات القرآن الكريم، في جو روحاني فريد.
هذه الأجواء الروحانية أسهمت في صناعتها تلك الميزة الفريدة، التي يتمتع بها المسجد، والمتمثلة في تربع المسجد في سماء مدينة إسطنبول، حيث تبدو معالم الفرح والسعادة واضحة على وجوه المصلين، لا سيما عند أداء صلاة التراويح ومن قبلها الدعاء عند الإفطار.
السائح الفلسطيني "حمدين العبادي"، أحد الزائرين للمسجد، قال "سمعنا عن المسجد كثيراً في الإعلام وصفحات التواصل الإجتماعي، وأحببنا أن نقوم بزيارته ضمن جولتنا في إسطنبول".
وأضاف في تصريحات للأناضول على هامش الإفطار: "في الحقيقة.. الإفطار هنا بين السماء والأرض، فالغيوم في الشطر الأوربي نشعر أنها في مستوانا، الجو جميل وصوت القرآن الكريم والذكر والأذان يشعرك بروحانية وجمال كبير".
** موقع مميز
المقيمة السورية روعة الحمصي، ذكرت للأناضول، أن هذه هي المرة الثالثة التي تفطر بها مع عائلتها في الخارج، لافتة إلى أن المسجد موقعه مميز للغاية، والوصول إليه سهل.
وتابعت: "أعددنا الكبة السورية في منزلنا، وأحضرناها هنا وافترشنا الأرض مع العائلة ونستعد لتناول وجبة الإفطار".
وبني المسجد في أعلى تلة بمنطقة أوسكدار (في الجانب الآسيوي من المدينة)، ليكون من أبرز المعالم وضوحا في أفق المدينة، حتى أن المواصلات باتت مؤمنة إليه، بعد أن كانت مقطوعة سابقا.
وبدأت عمليات بناء المسجد المقام بأعلى قمة في مدينة إسطنبول عام 2013 على طراز الهندسة المعمارية العثمانية، وفي سباق مع الزمن، سارع المهندسون الأتراك في إضفاء اللمسات الأخيرة عليه، ليتم افتتاحه 2019.
المسجد الذي يعد أكبر جامع في تاريخ الجمهورية التركية، يتسع لنحو 50 ألف مصلٍ، حيث تبلغ مساحته نحو 15 ألف متر مربع.
كما يضم قاعة مؤتمرات كبيرة، ومتحفا للآثار الإسلامية التركية، ومكتبة عامة، ومعرضا للفنون، إضافة إلى موقف لعربات الزائرين.
وتعتلي المسجد 6 مآذن، 4 منها بطول 107.1 أمتار، واثنتان بطول 90 مترا، فيما يبلغ ارتفاع قبته نحو 72 مترا وقطرها 34 مترا. -
|