Haberler      English      العربية      Pусский      Kurdî      Türkçe
  Haberler.com - آخر الأخبار
البحث في الأخبار:
  منزل 25/04/2024 13:46 
News  > 

محاكمات العدالة الانتقالية بتونس.. مسار إنصاف يرنو للاستكمال

19.07.2018 08:58

غياب متهمين عن هذه المحاكمات التي تشهدها تونس، في إطار العدالة الانتقالية، يضعف من قيمتها، بحسب خبراء.

تونس/ يسرى ونّاس/ الأناضول



9 محاكمات في إطار العدالة الانتقالية شهدتها تونس على امتداد أقل من شهرين.محاكمات انتظرها التونسيون لعقود من الزمن، وشكلت محطة فاصلة في تاريخ البلاد. غير أن غياب عدد كبير من المتهمين عن الجلسات، فجّر استفهامات عديدة حول مصير المحاكمات، وما إن كانت بالفعل ستنصف ضحايا الاستبداد وانتهاكات حقوق الإنسان، وتستكمل مسار العدالة الانتقالية.

** مسار إنصاف يعري عقودا من الاستبداد



منذ 29 مايو/ أيار الماضي، وحتى اليوم، نظرت الدوائر القضائية المتخصصة في العدالة الانتقالية، في 9 قضايا أودعتها لديها "هيئة الحقيقة والكرامة" (دستورية مستقلة).

والهيئة تأسست بمقتضى قانون صدر عام 2013، وبتعلق بإرساء العدالة الإنتقالية بالبلاد.

وإجمالا، تنظر الهيئة في 63 ألف ملف يتعلق بانتهاكات لحقوق الإنسان من يونيو/ حزيران 1955 إلى ديسمبر/ كانون أول 2013.



وتتعلق القضايا بعدد من التهم بينها "القتل تحت التعذيب"، في محافظات قابس (جنوب)، ونابل (شمال شرق)، والكاف (شمال غرب) وتونس العاصمة، وسوسة ( شرق).



كما نظرت الدوائر القضائية في قضية قتل بالرصاص أثناء الثورة التونسية (ديسمبر 2010 يناير 2011)، بمحافظتي القصرين (غرب) وسيدي بوزيد (وسط)، وقضية اغتيال طالب رميا بالرصاص في أحد شوارع العاصمة عام 1986.



قضايا تعود أطوارها، إلى فترة حكم الرئيسين التونسيين السابقين؛ الحبيب بورقيبة (1956-1987)، وزين العابدين بن علي (1987-2011).



جرائم قتل وتعذيب استهدفت العديد من خصوم الرئيسين المذكورين ومعارضيهم، أسفرت عن موت بعضهم واختفاء البعض الآخر في ظروف غامضة، مع حجب جميع الأدلة والحجج التي من شأنها إدانة "الجناة".



واليوم، وفي إطار مسار العدالة الانتقالية، تشهد تونس محاكمات غير مسبوقة، يجري خلالها الاستماع إلى شهود من عائلات الضحايا والمقربين والمسجونين في ذات الفترة.

كما تم خلالها استدعاء عدد كبير من المتهمين، فاق في مرات كثيرة الـ30 متهما في قضية واحدة، بينهم بن علي وعدد من وزرائه ومستشاريه، وكوادر أمنية رفيعة خدمت في عهده.



حيثيات مختلفة لقضايا لا يجمع بينها سوى الحقبة الزمنية وبعض المتهمين، استقطبت اهتمام الرأي العام المحلي والدولي، قبل أن يفاجأ الجميع بإرجاء النظر في معظم القضايا إلى مواعيد لاحقة، والسبب "غياب المتهمين".



سبب فجر انتقادات عديدة لم توجّه للمسار القضائي في حدّ ذاته، وإنما لأسباب عدم توجيه مذكرات توقيف بحق جميع المتهمين ما يضمن حضورهم بجلسات المحاكمة.



** "حضور المتهمين ضروري"

علا بن نجمة، رئيسة لجنة البحث والتقصي في هيئة الحقيقة والكرامة: قالت: "تمنينا لو جاء كل المتهمين (حضروا المحاكمات)، أو حضروا أمام الهيئة منذ مدّة واعترفوا بما اقترفوه، لتوضيح السياق الذي ارتكبت فيه تلك الجرائم، وطلبوا الاعتذار من الشعب التونسي .. كنا حينها تفهمّنا ما قاموا به."



واعتبرت، في تصريح للأناضول، أن "الهروب للأمام ليس حلا، ولن يوصلهم إلى شيء، نتمنى أن يحضروا أمام المحاكم، وأن يعتذروا للشعب التونسي، فهي فرصة حتّى نمضي بخطى ثابتة نحو العَدالة الانتقالية".



كما رأت أن "هذه المُحاكمات تهدف لمنع تكرار مثل تلك الممارسات، ولنثبت للتونسيين بأنهم لن يعيشوا مستقبَلا مثل هذه الانتهاكات.



ولفتت إلى أنّ " كل تجارب العالم في مجال العدالة الانتقالية، لا تضاهي ما حققته تونس اليوم، وهو ما يحق للتونسيين الافتخار به."



** "محاكمات تاريخية"

حسين بوشيبة، رئيس "جمعية الكرامة" (تونسية مستقلّة)، وهو أيضا منسق حملة "ملفي أش صار فيه يا هيئة" (ما مآل ملفي يا هيئة (الحقيقة والكرامة)، لفت، من جانبه، إلى أنّ "انعقاد جلسات المحاكمات في حد ذاتها أمر مهم في تونس، وهو حدث تاريخي كنا ننتظره منذ سنوات".



وتابع، في حديث للأناضول، أن "المحاكمات تتوفر فيها جميع شروط المحاكمة العادلة، ونحن لا نريد التشفي والانتقام، بل نريد كشف الحقيقة وتحقيق العدالة ورد الاعتبار.



وبالنسبة له، فإنّ "انعقاد هذه المحاكمات يعدّ يوما من أيام الثورة. ستتواصل الجلسات، وقد يتواصل أيضا غياب المتهمين، لكن ليس هذا المهم مادامت هناك إرادة وطنية من أجل كشف الحقيقة، وتكريس دور نزيه للقضاء التونسي".



ولفت إلى أنّ "المحاكمات تمثل في حدّ ذاتها مؤشرا على التضييق على الجناة ودولة الاستبداد، وهو أمل يتجدّد كل يوم".



ووفق المصدر نفسه، فإن "المجتمع المدني ومجموعات الضحايا، وأغلبهم من النخبة المتعلمة القادرة على الفهم والتحليل، يحرصون على مواصلة مسار العدالة الانتقالية إلى النهاية.."



وأعرب بوشيبة عن أمله في أن "تكون التجربة التونسية في مجال العدالَة الانتقالية فريدة من نوعها، وأن تدرس في كبرى الجامعات الدولية، وأن تكون تجربة ملهمة".



ولم يخف بوشيبة مخاوفه من "أن لا يقوم البعض من أجهزة الدولة بدورها، وأن لا تبلغ دعوات الحضور إلى المتهمين، وأن لا يتم جلب من طلب القضاء جلبه".



وشدد على "ضرورة تفكيك منظومة الاستبداد، والاتجاه نحو المصالحة"، معربا في الآن نفسه، عن "حرص الجميع في أن تكون المحاكمات خاضعة لمعايير المحاكمات العادلة".



ومستدركا: "قد تتخلل بعض الأخطاء والهنات مسار العدالة الانتقالية، ولكنه مسار طويل من أجل إحداث تغيير سلمي وإيجابي".



وتطرق بوشيبة إلى بعض الإشكالات التي تشوب هذا المسار، بينها "الحماية التي يتمتع بها بعض المتهمين من قبل أجهزة (بالدولة/ لم يسميها) وبعض النقابات اﻷمنية"، مشيرا إلى أنه "من المفترض أن يدركوا بأن هذه المحاكمات فرصة بالنسبة إليهم للدفاع عن أنفسهم."



** "الغياب لن يحول دون إصدار أحكام"

من جانبها، اعتبرت عفاف النحالي، وهي مستشار قاض من الرتبة الثانية بالمحكمة الابتدائية بتونس العاصمة، أن "تأخير هذه المحاكمات وإرجائها لجلسات لاحقة أمر عادي، باعتبار أن أي محاكمة جنائية يجب أن تستوفي كل الإجراءات الضرورية قبل التصريح بالحكم .



وأوضحت، للأناضول، أنّ "التأخير في مثل هذه القضايا مرتبط بـ(هيئة) الدفاع والمحامين، من أجل القيام بإجراءات الدعوة المدنية، والقيام بالحق الشخصي".



كما أشارت إلى أنّ "غياب المتهمين يعود إلى أن عددا منهم متوفّون، كما أن البعض الآخر غيّر مقر سكناه، وآخرون عناوينهم مجهولة، أو لم تصلهم معلومة أو استدعاء لحضور المحاكمات، وبالتّالي يجب البحث جيدا .. وهنا يكمن دور المحكمة والمحامين والمجتمع المدني".



ورغم ما تقدم، شددت النحالي على أن "تواصل غياب المتهمين لن يحول دون إصدار أحكام غيابية في جلسات قادمة".



كما لفتت إلى أن "بدء محاكمات العدالة الانتقالية (29 مايو) تزامن مع أواخر السنة القضائية (العطلة القضائية تنطلق في يوليو/ تموز من كل عام وتستمر حتى منتصف سبتمبر/ أيلول)".



وأكدت أنه "من مصلحة المتهمين الحضور والإدلاء بتصريحاتهم، لأن في ذلك ضمانة لهم حتّى يوضحوا عملية الانتهاك وأطوارها وحيثياتها، ما سيمكننا فيما بعد من منع تكرار مثل هذه الأفعال، وسيساعدنا لَاحقا في إصلاح المؤسسات الأمنية ومختلف مؤسسات الدولة".



ولم تستبعد النحالي أن تصدر المحاكم المتخصصة في قضايا العدالة الانتقالية أحكاما في القضايا التي نظرت فيها مع بداية السنة القضائية القادمة. -



 
Latest News





 
 
Top News