Haberler      English      العربية      Pусский      Kurdî      Türkçe
  Haberler.com - آخر الأخبار
البحث في الأخبار:
  منزل 26/04/2024 22:03 
News  > 

السودان.. "ملف سري" تعيد للمسرح جمهوره الهارب

19.11.2017 08:28

مسرحية بدأ عرضها، نهاية سبتمبر/ أيلول الماضي، زتنتقد الواقع السياسي والاجتماعي، بسخرية مريرة.

الخرطوم/أحمد يونس/ الأناضولاستعادت ليالي العاصمة السودانية الخرطوم بعض "رونقها"، واصطف الجمهور عند مدخل "مسرح قاعة الصداقة"، ليشاهدوا مسرحية "ملف سري"، راسمين "صفوفاً" غير صفوف المواصلات العامة والمعاملات الرسمية السلحفائية.قبل "ملف سري" وغيرها من المسرحيات نادرة، كانت الخرطوم مجرد "مدينة نؤومة"، لا تقلق نومها الأيقونة القديمة: "أين تسهر هذا المساء". اختفت الأيقونة، ونسي الناس جمال ليالي المدينة، ونسوا أن مغنيها الشهير شرحبيل أحمد، غنى لها ذات يوم: "يا جمال النيل والخرطوم بالليل".منذ نهاية سبتمبر/ أيلول الماضي، بدأ عرض مسرحية "ملف سري" فأحيت الليالي الناعسة، وهرع الجمهور المتعطش للمسرح، لمشهادة وقائع مسرحية تنتقد الواقع السياسي والاجتماعي، بسخرية مريرة.فكّت المسرحية عقدة استسهال العروض الباهتة التي كانت تقدم، فخرج الناس من عزلتهم غير المجيدة داخل مواقع التواصل الاجتماعي، ووضعوا حداً للجلسات الفاترة بالقرب من بائعات الشاي الفقيرات، اللواتي تطاردهن وزبائنهن شرطة البلدية."ملف سري"، من تأليف المسرحي السوداني الشهير "عوض شكسبير"، وإخراج مؤسس فرقة الأصدقاء المسرحية محمد نعم سعد، وشارك فيها بالتمثيل كل من جمال عبد الرحمن، وأمير عبد الله، وسامية عبد الله، ومحمد عبد الله كابو ومحمد جلواك، ومن انتاج "جمال عبد الرحمن".وتعد "فرقة الأصدقاء المسرحية" واحدة من أشهر المجموعات الدرامية السودانية، تأسست قبل أكثر من ثلاثين عاماً، قدمت خلالها العديد من المسرحيات والأعمال الدرامية التي لاقت قبولاً لافتاً عند جمهور المسرح السوداني.وتدور أحداث "ملف سري" في إحدي دور المسنين، وتتناول المفارقات التي يعيشها المسنون، من جحود الأبناء، وتقصير السلطات عن رعايتهم، وتسلل "الفساد" إلى الخدمة المدنية.وظف المخرج باتقان تقنية "الفلاش باك"، أو عودة صحو ذواكر المسنين، في نقد السلطة والمجتمع عن طريق التحسر على ماضٍ يرونه أفضل، وفي نقد الأطباء وأطقم التمريض، والسلطات المسؤولة عن الدار.تقوم المسرحية على "تقنية تعدد البطل"، فهي بلا بطل منفرد تنتهي بموته، لذا كان كل الممثلون أبطالاً، وإن بدرجات متفاوتة، ومن خلال هذه التقنية استحلب المخرج قدرات طاقمة التمثيلية والدرامية، وأنتج دراما لن تنساها الخرطوم قريباً.ثلاثة رجال وإمرأة، يواجهون مصيراً قاسياً في دار مسنين، مصير يحركه "مجهول لئيم"، لكنه معلوم، يقول الأستاذ "تنوير"– أحد الأبطال - لحظة تذكر: "زوجة إبني رفضت مرافقتي لهم، سافروا أمريكا وتركوا الباب مفتوحاً فخرجت وراءهم، هو نفس الباب الذي كنت أسده حتى لا يخرج إبني عندما كان صغيراً".الرجال الثلاثة والسيدة، حين تستيقظ ذواكرهم، يخوضون معاركاً ضد فساد الإدارة، فتستخدم ضدهم المسكنات. وحين تبلغ الميلودراما ذروتها، يعلمون بزيارة وفد حكومي للدار، يتهيأون بأوراقهم و"منشوراتهم"، لكن مهرجان الزيارة يُلغى، ويكتشفوا الحقيقة المريرة أن هدف الزيارة، ستزيد معاناتهم بـ"بيع الدار"!.شكسبير – كاتب النص – لعب دور الطبيب الفاسد، الذي لا يأنف فعل أي شئ لـ"يكمل" بناء منزله، مستعيناً بمهارات الممرض الفاسد "فرقة" ولو على حساب "حليب فاقدي الذاكرة" في عهدته.يقول شكسبير، لمراسل الأناضول،: "جائتني فكرة المسرحية بعد زيارات عادية لدور المسنين، فشعرت بالمرارة لواقعهم، وقلت لماذا لا يأتي السودانيون لمساعدة هؤلاء الناس"؟.ويضيف: "رأيت أنها شريحة مهملة، فلماذا لا أسلط عليها الضوء، فجاءت (ملف سري)".ويتابع: "ملف سري لا تقل عن المسرحيات العظيمة التي عرضت في المسرح السوداني، مثل مسرحية (المهرج) وغيرها".وشخّصت القديرة سامية عبد الله دور "أم أبوها"، وهي فتاة جميلة بذلت حياتها وهي تهتم بوالدتها المريضة، وحين توفيت الأم اكتشفت أن قطار الزواج قد تجاوز محطتها.وتحكي قصتها: "ربيت أخوتي الأربعة وأنا البنت الوحيدة بينهم، تزوجوا وتركوا لي أمي، رفضت الزواج حتى لا أتركها، وحين ماتت أمي اكتشفت أن القطار فارق محطتي".انتقلت "أم أبوها" إلى دار المسنين بعد أن أصيبت بـ "الزهايمر"، لكن ذاكرتها ظلت عالقة بزوج مفقود وعمر ضائع، تستحضره كلما استعادت شئ منها، فتصب جام غضبها على "الرجال" الذين لا يرون "حُسنها وشبابها"، وعلى السلطات التي تضيق الخناق على طالبي الزواج.أما محمد جلواك، فقد أبدع في دور "الطيب"، الرجل القروي فاقد الذاكرة، وفي هنيهات "عودة الوعي"، تبين شخصيته الريفية الشهمة الكريمة، وهو يقاوم ويشتت "الأستاذ تنوير" – البطل الثالث الذي يمثل دور المعاشي - ودعوته للثورة، بانتظار عودة الإبن العاق.مسرحية "ملف سري" انتقاد لاذع للسلطة والمجتمع، وللقيم الجديدة التي فشت بين الناس، فالأبناء عقوا آبائهم، وبعض الأطباء نسوا تقاليد المهنة، والسلطات الاجتماعية تخلت عن واجباتها.دراما – أو ميلودراما - "ملف سري" تناولت اخلال المجتمع السوداني وآفاته، من فساد، وخراب عقده الاجتماعي ونسيجه، وسخرت من نظامه السياسي، وغلوه الديني، بحرفيه ومهنية، فاجأت بها "حراس بوابة القيم"، فلم يسارعوا إلى إغلاقها وإيقاف العرض.الجمهور قابل المسرحية بالهتاف والتصفيق، أثناء العرض وبعد إسدال الستار، مستعيداً سيرة مسرحيات مشابهة، قدمتها فرقة الأصدقاء المسرحية في مواسم سابقة، مثل "النظام يريد"، انتقدت الواقع المجتمعي بذات القالب الساخر الموجع. -



 
Latest News





 
 
Top News