الفن والثقافة لخدمة ضحايا المجازر في الكونغو الديمقراطية

بيني (الكونغو الديمقراطية)/ فيستون ماهامبا لاروس/ الأناضول



روزيلين مبيا، طالبة شابة تقيم بمنطقة بيني شرقي الكونغو الديمقراطية، توجهت، في 2012، إلى أوغندا لمواصلة دراستها، غير أنها عادت، مؤخرا، إلى بلدها لمساندة سكان لايزالون تحت صدمة المجازر التي تستهدفهم من قبل المتمرّدين الأوغنديين منذ ما يزيد عن الـ 9 أشهر، وذلك عبر بعث مشروع ثقافي يخفف من معاناتهم.



المبادرة تهدف، وفقا لروزيلين، إلى تنظيم سلسلة من الأنشطة الثقافية تساهم، من جهة، في الترفيه عن سكان مدينتها، وتمنح، من جهة أخرى، التمويلات اللازمة لضحايا المجازر الدامية التي تشهدها منذ فترة.



مشروع الشابة الكونغولية انطلق منذ بداية الشهر الجاري، ومن المنتظر أن يمتد للأشهر الـ 6 المقبلة، كما أنه من المتوقع أن تنظّم مهرجانا للرقص التقليدي، ومسابقات موسيقية وغنائية وشعرية متنوعة، إضافة إلى الرسم بأنواعه وغيره من الأنشطة الفكرية والثقافية.



ومنذ أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، تعيش مدينة بيني الواقعة في الجزء الشرقي من الكونغو الديمقراطية على وقع مجازر دامية استهدفت المدينيين من قبل متمردي "تحالف القوى الديمقراطية".



و"تحالف القوى الديمقراطية" هي مجموعة مسلّحة أوغندية، تأسّست عام 1995، وهي لاجئة في الكونغو الديمقراطية، ويطلق عليها، أيضا، اسم: جيش تحرير أوغندا. ويجمع هذا التحالف تحت لوائه الحركات المعارضة للرئيس الأوغندي "يوري موسيفيني"، وبينها: "الحركة الديمقراطية المتحدة"، و"الجيش الوطني لتحرير أوغندا"، و"جيش تحرير أوغندا المسلم"، ويتمركزون في سلسلة جبال "روينزوري" (سلسلة جبال صغيرة في وسط أفريقيا، على الحدود بين أوغندا وجمهورية الكونغو الديمقراطية).



المئات من السكان لقوا حتفهم على أيدي المتمرّدين، والآلاف غادروا منازلهم بحثا عن ملجأ آمن، غير أن من تمكّن من النجاة منهم لا يتلقون أي إحاطة نفسية، بما أن المنظمات الانسانية غير الحكومية تجد نفسها مضطرة لمساعدة اللاجئين في المقام الأول.



روزيلين قالت تتحدّث للأناضول عن تجربتها الفريدة من نوعها: "حين كنت في الخارج، كانت الأنباء التي تردني تمنحني قناعة بأن مدينتي أصبحت خالية بالمرّة، لكن، وبمجرد عودتي، وجدت شعبي لازال مفعما بالأمل رغم المعاناة.. ولذلك، ومن أجل مساعدة هؤلاء السكان على تجاوز محنتهم، قررت بعث هذا المشروع الثقافي، لكي لا نفقد ذاك الأمل بعودة السلام وتعزيز روح التضامن بين سكان بيني".



فكتوار، شاب كونغولي من بيني، في الـ 25 من عمره، عقب في حديث عن الموضوع للأناضول، قائلا إن تنظيم التظاهرات الثقافية في مثل هذه الظروف يعتبر أمرا هاما، من أجل التسلية، رغم أن البعض يشكك في الدوافع الكامنة وراء مشروع مماثل، من منطلق إيمانهم بأنه لا يخدم سوى مصلحة أصحابه الشخصية، من حيث جني الأموال.



ولإطلاق مبادرتها، نظمت روزيلينا، بداية الشهر الجاري، حفلا تخللته عروض أزياء، لمصممين محليين، إضافة إلى عروض موسيقية عصرية وتقليدية، لفرق محلية. وقد شهد الحفل حضور ممثلين عن شركات خاصة، وفنانين، وسياسيين وغيرهم من الوجوه الإعلامية الكونغولية. كما تخللت الحفل مداخلات تطرقت إلى الوضع في المنطقة، وإلى ضرورة تعزيز أواصر التضامن بين السكان لتجاوز هذه المحنة واستعادة السلام.



آرسين مباتي، فنان موسيقي شاب، قال للأناضول، إنه "حين بلغت المجازر ذروتها في المدينة، تبادلت مختلف العشائر المحلية والمعارضون والأعيان وحتى الجيش وقوات حفظ السلام، الاتهامات بالتسبب في التدهور الأمني المسجّل لخدمة مصالحهم الخاصة، وهو ما أدى إلى انقسام اجتماعي رهيب، شجّع الأعداء على زرع مناخ بالغ التوتّر. لكن وبفضل مثل هذه المبادرات، يحظى الناس بفرصة تبادل الحديث حول سبل الخروج من الأزمة".



المشروع لقي ترحيبا من قبل مسؤول عن دار للأيتام في بيني، يدعى ماسيكا مونيك، والذي أشار إلى أن تواتر المجازر في المدينة، خلال الفترة الماضي، أدى إلى تزايد أعداد اليتامى". وعلاوة على بعدها التضامني، مثلت هذه المبادرة مناسبة لإبراز وتعميم الروح التفاؤلية والأمل الذي لازال السكان يحتفظون به، تشبّثا منهم في الحياة رغم المحن.



 



-----------------------------



أعدّته للنشرة العربية: ليلى الثابتي - Demokratik Kongo Cumhuriyeti