عبد الرؤوف أرناؤوط / الأناضول
فجّر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الأربعاء، الجدل مجددا باعتزامه تحريك مشروع قانون قديم لتجنيد اليهود المتدينين (الحريديم) في الجيش الذي يشن حربا على قطاع غزة للشهر الثامن.
وقال مكتب نتنياهو، في بيان: "لتضييق الخلافات وتحقيق إجماع واسع، قرر رئيس الوزراء الدفع بقانون التجنيد الذي تمت قراءته الأولى في الكنيست السابق (عام 2022)".
وأضاف أن "المؤسسة الأمنية أعدت مشروع القانون (في عهد الحكومة السابقة)، وقدمه وزير الدفاع آنذاك (الوزير بحكومة الحرب حاليا) بيني غانتس".
وأوضح أن نتنياهو "أوعز بتقديم هذا المشروع إلى اللجنة الوزارية للتشريع غدا (الخميس). ويدعو الفصائل التي أيدته في الكنيست السابق إلى الانضمام للمقترح الحالي".
** مناورات سياسية
لكن غانتس نفسه قال في بيان الأربعاء، إن "المشروع لم يعد يصلح لا سيما بعد (اندلاع) الحرب على غزة" في 7 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي.
ومنتقدا نتنياهو، أردف غانتس زعيم حزب "الوحدة الوطنية، أن "إسرائيل بحاجة إلى جنود، وليس إلى مناورات سياسية تمزق الشعب أثناء الحرب".
وبيّن أن "مخطط الخدمة (العسكرية والمدنية) الذي وافقت عليه الحكومة السابقة، أعده جهاز الأمن بوصفه قانونا انتقاليا وأساسا لتطوير مخطط يشمل جميع شرائح الشعب".
** تجنيد للجميع
كذلك انتقد وزير الدفاع الأسبق زعيم حزب "إسرائيل بيتنا" المعارض أفيغدور ليبرمان خطوة نتنياهو بقوله: "الظروف تغيرت.. إسرائيل تتعرض للنيران من الشمال (لبنان) والجنوب (غزة) والشرق وإيران".
وتابع ليبرمان، عبر منصة "إكس": "هذا الوضع يتطلب قانون تجنيد إلزامي للجميع، بحيث على كل شاب وامرأة ممن يبلغ 18 عاما ـ يهوديا أو مسلما أو مسيحيا أو درزيا أو شركسيا ـ تأدية الخدمة العسكرية أو المدنية".
وحسب صحيفة "هآرتس" العبرية، فإن خطوة نتنياهو تأتي في وقت يتعين فيه على حكومته الرد على المحكمة العليا، التي تدرس التماسات ترفض استمرار استثناء "الحريديم" من الخدمة العسكرية، بزعم تفرغهم لدراسة التوراة.
ورجحت أن "خطوة نتنياهو ستمنحه وقتا أمام المحكمة، وتسمح له بالضغط على غانتس لدعم مشروع قانون سبق أن قدمه بنفسه".
** قضية شائكة
ولفتت هيئة البث الإسرائيلية (رسمية) إلى أنه في أغسطس/ آب 2022، وافقت الحكومة آنذاك برئاسة نفتالي بينيت على مخطط الخدمة الذي اقترحه وزير الدفاع حينها غانتس.
ويتضمن مشروع المخطط خفض سن الإعفاء من التجنيد لـ"الحريديم" إلى 21 عاما (حاليا 26)، ولكن لمدة عامين فقط.
وأردفت الهيئة: "وفق المخطط، سيتمكن الشاب المتدين 'الحريدي' البالغ من العمر 21 عاما من الانضمام إلى نظام الطوارئ والإنقاذ الوطني والحصول على تدريب مهني.. ويرتفع سن الإعفاء بعد عامين إلى 22، وبعد سنة إلى 23".
وأوضحت أن "الغرض من التغيير كان السماح للحريديم بالاندماج في سوق العمل، وكذلك زيادة عدد المجندين منهم".
وآنذاك، جرى التصديق على مشروع القانون بالقراءة الأولى في الكنيست، لكن بعد رحيل حكومة بينيت، لم يتم إقراره بالقراءتين الثانية والثالثة.
ومنذ 2017، فشلت الحكومات المتعاقبة في التوصل إلى قانون توافقي بشأن تجنيد "الحريديم"، بعد أن ألغت المحكمة العليا قانونا شُرّع عام 2015 وقضى بإعفائهم من الخدمة العسكرية، معتبرة أن الإعفاء يمسّ بـ"مبدأ المساواة".
ومنذ ذلك الحين، دأب الكنيست على تمديد إعفائهم من الخدمة العسكرية، ومع نهاية مارس/ آذار الماضي، انتهى سريان أمر أصدرته حكومة نتنياهو بتأجيل تطبيق التجنيد الإلزامي لـ"الحريديم".
وأصدرت المحكمة العليا، في فبراير/ شباط الماضي، أمرا يطالب الحكومة بتوضيح سبب عدم تجنيد "الحريديم".
ونهاية مارس الماضي، أصدرت المحكمة أمرا مؤقتا بوقف الدعم المالي لطلاب مؤسسات التوراة المطلوب منهم التجنيد.
وفيما تعارض الأحزاب الدينية تجنيد "الحريديم"، فإن الأحزاب العلمانية والقومية تؤيّده، ما تسبب لنتنياهو بإشكالية تهدد ائتلافه الحاكم.
ويشكل المتدينون اليهود نحو 13 بالمئة من عدد سكان إسرائيل البالغ قرابة 9.7 ملايين نسمة، وهم لا يخدمون في الجيش، ويقولون إنهم يكرّسون حياتهم لدراسة التوراة.
ويُلزم القانون كل إسرائيلي وإسرائيلية فوق 18 عاما بالخدمة العسكرية، ولطالما أثار استثناء "الحريديم" من الخدمة جدلا طوال العقود الماضية.
لكن تخلّفهم عن الخدمة العسكرية بالتزامن مع الحرب المتواصلة على غزة وخسائر الجيش الإسرائيلي زاد من حدة الجدل، إذ تطالب أحزاب علمانية المتدينين بالمشاركة في "تحمّل أعباء الحرب". -
|